خطاب السيد الرئيس صدام حسين في الذكرى (14) ليوم النصر العظيم

وجه السيد الرئيس صدام حسين خطابا قوميا شاملا إلى شعب العراق والنشامى والماجدات والرجال في قواتنا المسلحة الباسلة وابناء الأمة العربية المجيدة والمؤمنين لمناسبة الذكرى الرابعة عشرة ليوم النصر العظيم في الثامن من آب عام 1988 وفيما يلي نص الخطاب:

بسم الله الرحمن الرحيم

(بل نقذف بالحـّق على الباطل فيدمـُغه فإذا هو زاهق) ..

صدق الله العظيم

أيها الشعب العظيم ..

أيها النشامى والماجدات ..

أيها الرجال في قواتنا المسلحة الباسلة ..

أيها العرب ..

أيها المؤمنون حيثما أنتم ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

بغض النظر عن التفاصيل، وعن طبيعة التطور بين الفواصل التاريخية المتعاقبة، فان الدرس الإنساني المستخلص، هو أن حاضـر أي أمة، أو شعب لا يستطيع أن ينسلخ عن الماضي، وان الأمم والشعوب، على وفق هذا، بنت حاضرها، وان تطورت عن ماضيها ارتقاءً أو هبوطا..

ومما يستفاد من تأريخ الانسانية ايضاً، أن الطمع والغطرسة، عندما يتحدان، لا يؤديان بالظالم الى ظلم الآخرين فحسب، وانما الى ظلم نفسه أيضا، بعد ان يوهمه اتحاد الطمع والغطرسة بالمكنة والقوة التي لا تقهر، حتى وهو يسلك طريق الباطل والعدوان، ويرتكب ابشع الأعمال، منطلقاً من ذاك التصور المريض.. فيهوي صاحبها الى تهلكه.. ومن بعدها الى سقر.

ومن دروس التاريخ القريب والبعيد، ان كل الإمبراطوريات، وحاملي تابوت الشر، حيثما توجهوا بالشر ضد الأمة العربية، او ضد بلاد المسلمين، دُفنوا هم، وأحلامهم المريضة، وغطرستهم، وطمعهم في تابوتهم على أرض العرب والمسلمين، أو شيعوا أنفسهم، ليموتوا على الأرض التي انطلقوا منها معتدين.. وهذا ينطبق على كل الإمبراطوريات قبل تأريخنا هذا.. وإذا كان هذا هو ما ينبئنا به التأريخ من غير أي استثناء عن حكمه في كل الحقب الماضية، والدهور السابقة.. فهل يمكن أن يوصف من يحاول ان يتجاهله الآن بغير الأوصاف التي لا يسر عاقل حكيم ان يوصف بها.. ؟!

ان هذه النتيجة الحتمية تنتظر كل من يحاول الأعتداء على العرب والمسلمين.. وإذا أراد أحد ان يفيد من التأريخ، فعليه، حيثما اتحد لديه الطمع مع الغطرسة والغرور، ان يتذكر ذلك ليرعوي، وألا فان مصيره (مزبلة التأريخ) وفق ما يصف سياسيو القرن العشرين ..

أمام مثل هذه الدروس كلها، وقفنا ونقف، كلما ذر عدوان بقرنه علينا وعلى امتنا، ولم، ولن نواجه أي عدوان بقوة سلاحنا او عضلاتنا وعضلات شعبنا بالأساس، وإنما بقوة إيماننا، وبان الله ناصر المؤمنين بالحق ضد الباطل.. وان الإيمان، على هذه القاعدة، هو الحاسم في صلة النتيجة بمصلحة الشعب، والامة، وفي رضا النفس، مع ما يمكن ان ييسره رب العزة من وسائل يعدها المؤمنون على أساس قوله، سبحانه، (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ..) وكنا دائماً، نحن ورفاقنا، ومعنا شعبنا وجيشنا، نسأل أنفسنا: هل يستطيع الأب والام أن يفيا بواجب الأبوة والأمومة إزاء أبنائهما، عندما يكونان مثقلين بالقيود وعبء العبودية؟ وهل يمكن للأبناء ان يكونوا ألا جاحدين وعاقين، لو رأوا آباءهم وأمهاتهم مكبلين بالقيود والسلاسل، وينقض ظهورهم عبء العبودية الثقيل، من غير أن ينتخوا، ليذودوا عنهم، ويفكوا قيودهم، أو يشكلوا سياج الوفاء بصدورهم العامرة بالأيمان بوجه كل واهم شرير طامع

أتعرفون، أيها الاخوة العرب، من هو أبونا وامنا، نحن العراقيين، وجيشنا وقيادة الجيش والشعب؟ إن أمنا وابانا هما أمتنا والوطن.. وعلى أساس هذه المعاني، وعلى أساس ما استحضرناه من دروس التأريخ، وقفنا في عام 1980 لنحمي شعبنا وامتنا بوجه من أراد أن يذلهما، بعد ان يكبلهما، ليجعلهما، ويجعل وطننا يصابون بالعفن.. نعم، على هذا وقفنا، وتذكرنا، ولم ننس، ان من يريد الوطن حراً معافى، وامته حرة طليقة، عليه ان يكون براً بهما، ليكونا برين به، وألا بقى ذليلاً، تقتله حسرة الشعور بالتقصير.. ينوء تحت وطأة المذلة، والتخلف عن الدور، واي موقف يعتز به الأحرار إزاء شعبهم وامتهم ووطنهم..

وعلى هذا، اتكلنا على الله، ووقفنا مع شعبنا وجيشنا، لنواجه الخطر والعدوان والغطرسة طيلة ثماني سنوات، هي الزمن الممتد من الرابع من أيلول عام 1980، حتى أراد الله ما أراده من نصر مبين في آب 1988..

وعلى أساس هذه المفاهيم ودروسها، وقف الثوار وقفتهم في تموز عام 1968 ..

وعلى نفس الأسس والمنطلقات، وقف شعب العراق وجيشه، بقيادة من قادهما ضد عدوان وغطرسة أميريكا ومن تحالف معها او أطاعها مجبراً، أو مختاراً، منذ 17/1/1991 في أم المعارك الخالدة، حتى يومنا هذا.

وعلى أساس هذا، سوف يبقى موقف من أمنوا واتقوا ثابتا معافى، وسيندحر أي ظلام، وتنقشع أي غيوم لا تنبئ بمطر مفيد.. لتبزغ الشمس على ربيع دائم مبارك من عند الله، يعزّ أهله، بعد ان يخزي أهله فعل الظالمين..

وسوف يحمل الأشرار تابوتهم على ظهورهم، ليموتوا بحسرة فشلهم، وارتداد كيدهم الى نحورهم في بلدانهم، او يحفروا قبورهم، بعد ان يسوقوا أنفسهم الى حتفهم بظلفهم على أي ارض عربية او إسلامية يعتدون عليها، ومن بينها عراق الجهاد والراية والموقف..

نقول قولنا هذا، لنرد على رغاء وفحيح من أعجبته قوته، فركبه الشيطان، حتى صار وليه في كل سوء وجريمة ترتكب علـى ارض العرب والمسلمين، ويخـّوض في دماء الأبرياء في العالم.. ويظن بأن على الناس ان يصيروا عبيدا للطاغوت بالتهديد، أو بتنفيذ التهديد.. أما لو أرادوا لانفسهم ولشعبهم الآمان والسلام.. فهذا ليس دربه، وانما احترام أمن وحقوق الآخرين والتعامل معهم بسلام، والاهتداء بالحوار المتكافئ الى الضمانات الواجبـة على أساس القانون والمواثيق الدولية..

ان الإجابة على أسئلة العراق، ووفاء مجلس الامن بالتزاماته المقررة وفق قراراته، هما الطريق، ولا مجال لمن يستخدم التهديد والعدوان ألا ان يخسأ حتى لو أصاب من يصيبه بالأذى، وان الله القادر العظيم فوق كل ذي قدرة، وسيمحق كيد الظالمين.

أقول هذا، مع أنني كنت أتمنى لو تجنبته لو أن الحال غير هذا الحال مثلما فعلت من قبل حتى الآن بوجه عام.. ولكنني أقوله بهذا الوضوح، لكي لا يتصور ضعيف ان تجاهلنا الرد على قول السوء يحمل الخشية تجاه التهديدات الوقحة، فتصطك ركب واسنان من فقدوا الصلة برحمة الرب الرحيم، والثقة بشعبهم، او يطمع المتجبرون، فنوهمهم بما يورطهم فـي شأن لم يحسبوا أمره وعواقبه..

والله أكبر ..

الله أكبر ..

الله أكبر ..

يا لها من نغمة نفحة أيمان عظيمة زكية، وصوت كأنه يستنفر من عمق التأريخ والتراث الخالدين، بل كأننا فيه وهو فينا، بنفس الروح التي رددها أجدادنا في معارك اليرموك الجهادية ضد البيزنطيين، ومعارك القادسية الأولى، وهم يقتحمون، بأسم الله، جيوشاً غازية، احتلت ارض بلاد الشام وارض العراق، وراحت مع الظلم والقتل، يدفعها عنادها، لتبقى على الباطل وهي تواجه الحق..

الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. هي صيحات أبنائكم وإخوانكم في عراق الأيمان، أيها المؤمنون، وأيها العرب، وهم يحملون على من أراد بالعراق سوءاً، ولم يحسب لله وللأنسان حساب، مع كل ما واجهه به العراقيون من صبر وجلد، ولم يصغ الى أي صوت كان قد وجهه من وجهه إليه من المسلمين والعرب.. بل لم يصغ الى أي دعوة ورغبة في السلام، كنا قد أطلقناها، بأسم شعب العراق في غير مرة من مبادرات السلام..

الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. هو نداء كل من حمل على الأعداء بالبندقية والمدفع والدبابة والطائرة وزوارق الصولة البحرية، لملايين الرجال على التوالي، من العسكريين والاحتياط والمكلفين والجيش الشعبي والمهمات الخاصة..

الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. صولة.. ودفاعاً.. تقدماً وهجوماً في عمق ارض العدو، وهم يلاحقون الشر لينهزم.. أو يشكلون بصدورهم الحبيبة سياج هذا الوطن المؤمن الصابر المعافى.. او عندما يريد الله ان يكونوا خلف الحدود على وفق ما كانوا عليه في الفاو وبنجوين.. وفي ثغرة هنا وثغرة هناك، على جبهة طولها ألف ومئتا كيلو متر من الفاو، وما يلفها ويحميها من جنوبها، حتى لسان منشاف، في شمال الوطن الحبيب ..

الله أكبر ..

الله أكبر ..

الله أكبر ..

أيها الصوت الحبيب.. يا صوت الحبيب المصطفى.. وصوت بلال.. وأبي بكر، وعمر، وعلي، وعثمان.. وخالد، وأبي عبيدة.. وسعد.. واسامة !!

يا عطر الرسالة، وصوت التأريخ، ونداء الروح لتحمل الجسد الى حيث يريد الله، ليكون طاهراً، اميناً، عطراً، أزهر، وهو شهيد على ما يريد الله.. أو وهو حي شهيد، بعد ان قرر وابقاه الله.. حيث لا راد لأمره، سبحانه، ونحمده على ما أراد ويريد ..

الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. لا اله الا الله.. الله أكبر.. الله أكبر.. ولله الحمد..

صولات، وصولات، وصولات، ويعلو الهتاف الحبيب، كأن الرجال يطوفون حول الكعبة، او يزورون المكان الذي عرج منه رسول الله الى ربه، في تلك الليلة المباركة، بعد ان يطهروا ارض فلسطين من دنس الصهاينة..

الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. مع ملايين فوهات البنادق، تتناوب في جبهات القتال، او تستقر حيث ينبغي، من بداية القتال الى أن أذن الله بنصره المبين..

الاف فوهات المدافع، والدبابات، ومئات الطائرات، والى الخلف منها، تنطلق حناجر ملايين الشرفاء من العرب والعراقيين والمؤمنين بدعواتهم الصادقة ان ينصر الله العراق.. فنصر الله العراق..

ومع النصر، كان اول معاني الشكر لله، ان غسل قلوب المؤمنين المنتصرين من أي حقد على من تسبب في كل هذا.. ومنع أي غل من ان يتسلل الى النفوس، مقابل الغل والعنت الذي واجهنا على مدى ثماني سنين من القتال، وما سبقها من زمن إضافي في كل تدبير سـوء، وقول سوء.. سائلين الله، جلت قدرته، وتعالى شأنه، ان يجنبنا غلا مثله، او غلا لا نعرفه..

لقد ولد النصر حصيلة لكل هذا، وارتفع صوته وروحه ونفحات الأيمان فيه عالية مدوية في بيان البيانات، في يوم الأيام الذي أراده الله يوماً حاسماً للنصر وتاجاً له فكان يوم الثامن من آب، عام 1988 ..

الله .. الله .. يا آب .,.

ما أشد حرارتك، لا لتنضج الرطب، فتجعله جنيا لاهلك، فحسـب، وانما لتخضد شوك من يستخدم شوكه على اهلك، وتقهر الظالمين بأسم الله..

يا شقيق تموز، وحال الوصل بينه وبين أيلول !!

أيها الشهر الحبيب، واليوم الحبيب، تحية منا ونحن فيك الى كل يوم حبيب فيك.. والى كل نفس حبيبة من الأحياء، وأولئك الذين سبقوا من سبقوهم بما فازوا به الى عليين، حيث اراد الرحمن الرحيم، أن شاء سبحانه..

وتحية مثل التحية التي نوجهها الى الأحياء والشهداء العراقيين، الى العرب، وفي مقدمتهم شعب فلسطين البطل والى كل مؤمن غيور مجاهد لاقى ربه بقلب سليم..

سلاماً شعب فلسطين، رجالاً وماجدات.. أحياء وشهداء

سلاماً، سلاماً يا عراق.. سلاما..

سلاما، سلاما فلسطين.. سلاما..

سلاما الى امتنا، والى كل أصيد أغر فيها..

سلاما.. سلاما.. سلاما..

والله أكبر..

الله أكبر..

الله أكبر..

لا اله ألا الله، والله أكبر..

الله أكبر..

ولله الحمد ..