النظام السياسي

يؤكد ميثاق الامم المتحدة ان الدول يتماثل بعضها مع بعض قانونيا" ? وقد جسد مبدأ لكل دولة صوت هذه المساواة.
بيد ان هذا المبدأ يلغي موضوعيا" ان الدول تختلف عن بعض في امكانياتها الذاتية ومن ثم قدرتها على التاثير الدولي.
ان هذا الواقع افرز اشكالية التماثل والاختلاف بين الدول . وبسببها ذهبت اراء الى حصر الفاعلية بالدول العظمى او الكبرى دون سواها.
ان الموضوعية ترفض التعميم. فالتاريخ ? وان تاثر ? على مر الزمان ? بحركة دول توافرت على امكانيات خاصة جعلتها فاعلة مقارنة بغيرها ? بيد انها ? مع ذلك، لم تستطع احتكار صناعته .فخبرة التاريخ لا تفيد ان الدول الصغرى كافة كانت دمى صماء تحركت على وفق مصالح وسياسات سواها . فبعضها في الاقل ? امتلك قدرة التاثير حتى في سياسات الدول العظمى او الكبرى .وبسبب هذه القدرة اقترن التاريخ بتجارب اكدت مصداقية مقولة قوة الضعف وضعف القوة .ويقدم العراق ?بعد العام 1968 ? انموذجا" لمحصلة حركة دولة صغرى تقودها ثورة وطنية وقومية وانسانية كبرى.
وغني عن البيان ان التاريخ يقترن بكثرة الثورات التي فجرها الرافضون عبر الزمان ? ولكن ايضا" بقلة الثورات التي استطاعت ان تصمد امام كوابحها الداخلية والخارجية ? وان تعمد الى اثراء التاريخ الانساني بتجربتها ودلالاتها.
وينسحب هذا التعميم على الوطن العربي بالضرورة .فمنذ بداية هذا القرن ? في الاقل ?والتطور التاريخي لبعض الاقطار العربية لم يكن بمعزل عن الثورات التي اندلعت فيها .بيد ان معظمها لم يستطع ?لاسباب موضوعية او ذاتية ? الارتقاء بنوعية استجابته الى مستوى التحديات التي جابهتها لذا تاكلت من داخلها وانتهت الى الفشل.
على ان هذا الواقع العربي لا يعكس الا جانبا" واحدا"من عموم الصورة ?فالتاريخ العربي المعاصر يعبر، في الوقت نفسه، عن ثوراتاخرى لم تستفد من تجربتها الذاتية وتجارب غيرها في تجديد مضامين حركتها حسب،وانما خاضت ايضا" كفاحا" تحرريا" في منطقة عالية الحساسية الدولية لغاية قوامها بناء موازين قوى جديدة تساعد على تحقيق اهداف المشروع الحضاري النهضوي العربي.وتعد ثورة 17-30 تموز من بين ابرزها ?لاسباب اساسية . ومثالها، اولا"? انها استمرت عبر الزمان ? تعبر عن انموذج لثورة امتلكت القدرة على افشال سياسات قوى الاستعمار القديم والجديد واهدافها في تدجين الثورات الوطنية الكبرى في العالم الثالث وارغامها على الانكفاء والتراجع والفشل ? وثانيا"? انها استطاعت الانتقال نوعيا" بدور العراق الى تلك الافاق التي ادت الى ان يتجاوزالحدود المرسومة ? ضمنا" او صراحة ? لحركة العالم الثالث. ولم يكن ذلك بمعزل عن ارادتها في استنهاض ارادة الحياة والبناء والنهوض.
ان هذا النوذج يقدم دليلا" مضافا" لم يكن امرا" سهلا" ويسيرا" ? فالاوضاع التي ورثتها ثورة 17-30 تموز 1968 والمواقف الخارجية المعادية ? وان افرزت تحديات متنوعة ذات اثار متباينة ? بيد انهابالمقابل افضت الى استجابات حضارية ارتقتالى مستواها. ومن بينها بناء نظام سياسي فاعل اضحى يشكل احدى ركائز الفاعلية الداخلية للعراق ومن ثم فاعليته الخارجية . وهذه هي الفرضية التي نريد البرهنة علميا" عليها.
ولهذا الغرض ? سننطلق من معيارين هما : المعيار الكمي الذي يعبر عن اثر العمر الزمني للثورة .فالثورات الاقدم تكون بالضرورة اكثر خبرة وقدرة على التفاعل مع تحدياتها والمعيار الكيفي ايضا" الذي يقترن بانجازاتها.
وتبعا" لذلك سنعمد فيما بعد الى: اولا"?تحديد مفهوم النظام السياسي بايجاز شديد ? وثانيا"? تشخيص ابرز تحديات النظام السياسي في العراق بعد العام1968 ? وثالثا"? تناول الانجازات التي حققها ولا سيما على صعد تثبيت السلطة الوطنية وترسيخها ? وتعزيز الاستقلال السياسي , وتامين الوحدة الوطنية ?فضلا" عن بناء المؤسسات السياسية المستقرة.

مفهوم النظام السياسي

لقد حظي تحديد مفهوم النظام السياسي، منذ القدم باهتمام مكثف .وقد افرز هذا الاهتمام اتجاهين: تقليدي واخر معاصر.
ذهب الاتجاه التقليدي الى ربط النظام السياسي للدولة بنظام الحكم فيها ? كما يوضحه دستورها ? سواء اكان عرفيا" ام مكتوبا" .اما الاتجاه الثاني فقد ادرك ان النظام السياسي ? كجزء من النظام الاجتماعي العام ? لا يقتصر على الابنية الدستورية ( الرسمية) وانما يشمل ايضا" الابنة السياسية غير الرسمية ? فضلا" عن تفاعلاتها المتبادلة .
ولكل من هذين الاتجاهين العامين انصاره وخصوصه ? وكل منهما يسوق عددا" من الايجابيات والسلبيات ? لسنا بصددها هنا ? لهذا الاتجاه او ذلك.
ومع ذلك نرى ان الدراسة الشمولية لاي نظام سياسي لا تستطيع اغفال الاطار الدستوري للنظام السياسي ?فهو فاعل ? او تجاوز واقع حركته العملية ولا سيما انه يؤشر مدى كفاءة ادائه لذا يبقى كل منهما يكمل الاخر.

تحديات ثورة (17-30 ) تموز 1968

تباينت نوعية هذه التحديات من وقت الى اخر، فالثورة ? فضلا" عن انها ورثت وضعا" داخليا" متاخرا" ? فانها جوبهت بمواقف خارجية معادية . لذا نستطيع توزيع هذه التحديات علي مستويين: داخلي وخارجي.

التحديات الداخلية

تعددت وتنوعت هذه التحديات . وسنشير اليها بايجاز على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والقيادية.
فاقتصاديا" ? يعد العراق دولة تنفرد بثرائها انه... البلد الوحيد في المشرق القادر على الاكتفاء الذاتي ? فهو يجمع النفط( والمعادن غير الوقودية) الى المياه الى السكان... بيد ان عوامل التاخر والتبعية الاقتصادية والسياسية لم تشهد استثمار خيرات العراق في العهد الملكي كما ان الاستثمار الناقص في الاقل للثروة الطبيعية على مدى عقد(1958-1968) لم يؤد الى نجاح خطط التنمية المعلنة انذاك .
وتبعا" لذلك بقي العراق فقيرا" على الصعيد الداخلي ومن ثم ضعيف التاثير على الصعيد الخارجي.
واما اجتماعيا" ? فغني عن البيان ان تركيبة العراق الداخلية تميزت ? منذ القدم، بتنوعها وتعددها وكان لها حتى العام 1968 تاثير مهم تجسد في معاناة العراق عموما" من نقص التازر والتجانس بين اغلب شرائحه الاجتماعية ? وانعكاساته السلبية على وحدته الوطنية .
وتبعا" لذلك تعززت المسالك الداخلية التي ساعدت القوى الخارجية المعادية على تكريس عدم الاستقرار الداخلي وتوظيف مخرجاته لمصلحة اهدافها.
فسلبيات التركيبة الاجتماعية للعراق انذاك انعكست على دوره الخارجي ? اذ رفدت ضعفه بعنصر مضاف.
واما عسكريا" فلم يؤد حرص النظم السياسية التي تعاقبت على ادارة العراق حتى العام 1968 على الارتقاء بقدرة الجيش العراقي الى جعله قوة مؤثرة . ولم يكن ذلك بمعزل عن تاثير متغيرين مهمين ? اولهما ضالة قدرته المالية . فهذه لم تسمح للعراق بالانفاق العسكري الواسع ? وثانيهما، ان تبعية العراق طوال العهد الملكي ? للغرب جعلت عملية الارتقاء بالقدرة العسكرية للعراق اسيرة للادارة الغربية ومصالحها . صحيح ان هذه القدرة تطورت بعد العام 1958 ?ن بيد ان ذلك لم يؤد الى ان يكون العراق فاعلا" عسكريا" .وتبعا" لذلك كان استعداه لمواجهة التهديد العسكري الخارجي للامن الوطني العراقي والامن القومي العربي محدودا".
واخيرا" افتقر العراق الى القيادة السياسية التي تتوافر على تلك الخصائص التي تتيح للدولة فرص الارتقاء الحضاري فالقيادات السياسية التي تعاقبت على ادارة العراق حتى العام 1968 كانت تتصرف اما تحت تاثير تبعيتها للغرب ? واما تحت تاثير افتقارها الى التصور الاستراتيجي الشامل ? في الاقل.
والتاريخ يشير الى ان الدولة اي دولة ? لا تستطيع الارتقاء بمعزل عن جهد قيادتها .

ان الثغرات والاختلالات الهيكلية التي انطوى عليها الجسد العراقي حتى العام 1968 وتراكم اثارها على امتداد الزمن جعلت العراق ضعيفا" في الداخل وضئيل التاثير في الخارج لذا فحين اندلعت الثورة في العام 1968 كان عليها التعامل مع تركة موروثة سلبية المضمون والابعاد تفاعلت مع تحديات خارجية حقيقية .

التحديات الخارجية

منذ القدم ? والعالم الثالث محط تكالب استعماري كان يتجدد في ادواته . ويرد ذلك اهميته الاقتصادية والاستراتيجية ? ودور توظيفها من جانب الدولة (او الدول) المسيطرة عليها في دعم رفاهيتها الداخلية ومكانتها الخارجية .ولهذا عملت على الحيلولة دون بزوغ تلك الاوضاع ? في العالم الثالث ? التي تهدد هذه السيطرة ? وبضمنها رسم تلك الخطوط الحمر التي لا يجوز لدول هذا العالم ? تجاوزها.
وتقترن هذه الاوضاع وتلك الخطوط بمضامين مشاريع حضارية تتطلع الى الغاء التخلف والتبعية والانكشاف ومن ثم الغاء الثغرات الداخلية التي اعتادت قوى الاستعمار القديم والجديد توظيفها لمصلحتها ومن هنا نبعت مناهضة هذه القوى لكل مشروع تحرري جذري في العالم الثالث ودفعه الى الفشل.
وبسبب من مبادئها واهدافها وممارساتها العملية ? فقد كانت ثورة 17-30 تموز 1968 ? وما زالت ? ابرز الثورات الكبرى في العالم الثالث التي استهدفتها الحركة الاميركية-الغربية المشتركة. لذا يقول القائد صدام حسين : (( والله منذ ان تسلمنا السلطة حتى اليوم والمؤامرات تحاك ضدناباستمرار ... وكلما وضعنا انفسنا لخدمة هذه الامة وخدمة هذا الوطن ازدادت المؤامرات الخارجية شراسة وخطورة)).
ومما ساعد على ذلك انتقال الادراك الاميركي خصوصا" للعراق من حال الى اخر مختلف.
فابتداء ادركت الولايات المتحدة ان ثورة 17-30 تموز لم تكن خارج نمط تلك التغييرات او الانقلابات المسموح بها داخل العالم الثالث . وربما ساعد على ذلك ((.. ان الحزب كان صغيرا" ومشكلات العراق كبيرة وقادة الثورة شبابا" غير مجربين واغلبهم غير معروف)) ? وهو الامر الذي دعم مضمون ادراك اميركي قديم للعراق مؤداه انه ليس ((.. بلدا" حقيقيا"))? ومن ثم عدم الاهتمام به بمثل نوعية الاهتمام بدول عربية وغير عربية.
على ان هذا الادراك تغير فيما بعد ويستطيع المرء تحديد بداية هذا التغيير ? وقياسا" على تجربة تاميم قناة السويس في العام 1956 ونتائجها ? ويمكن القول ان تاميم النفط العراقي في العام 1972 قد سجل تاريخ هذه البداية . فنتائجه الايجابية على العراق جعلت الذاكرة الغربية عموما" لا تنساه.
لذا اتخذ الغرب عامة من تلك السياسة التي كان قد اعتمدها منذ الخمسينيات حيال العالم الثالث سبيلا" اساسيا" للتعامل معه . ومفادها ان خروج دول هذا العالم عما هو مسموح به يستدعي اسقاط نظمها السياسية وابدالها باخرى منساقة وراء سياساته.
وتبعا" لهذه السياسة حاول الغرب تطويع العراق عن طريق ادوات الترهيب والترغيب معا" . الاولى تجسدت في الزعزعة عبر الاستنزاف من خلال مشكلات داخلية وخارجية .اما الثانية فقد اريد بها تحقيق التقرب من العراق لاستمالته الى جانب عموم السياسة الغربية في الوطن العربي.
وقد فشلت كل من هاتين الوسيلتين في صرف العراق عن مساره التحرري .لذا صارت الولايات المتحدة ترى فيه المناهض الاول لاستراتيجيتها في الوطن العربي . وتبعا" لذلك انتقل اسلوب التعامل معه الى اخر اشد عنفا" اخذ ?اولا،شكل الحرب بالنيابة . فاندلاع الحرب العراقية – الايرانية واستمرارها ثماني سنوات لم يكن بمعزل عن تغذية قوى اقليمية ودولية وتشجيعها دور العامل الايراني المباشر .
على ان خروج العراق منتصرا" من هذه الحرب وبقوة عسكرية وسياسية مؤثرة لم يؤد الى ان يتكرس عدم الاستعداد النفسي والسياسي الغربي ( وبضمنه الاميركي ) لقبول هذا الواقع الجديد حسب، وانما الى ان تتعزز الخشية من ابعاد الدور القومي للعراق ايضا" .لذلك بدأ، ثانيا"? التخطيط لحرب تقوم بها الولايات المتحدة الاميركية هذه المرة بالدور المباشر ضد العراق ? تحجيما" له وتامينا" لمصالحها الاقليمية والعالمية . وهكذا قامت بحربها العالمية ضد العراق مدعومة بقوة ثلاثين دولة.
ان التحول في عموم الرؤية الغربية للعراق ? وبضمنه اساليب التعامل معه ? لم يكن بمعزل عن اثر ادراك لابعاد التحولات الجذرية الايجابية في واقعه الداخلي وانعكاساتها على حركته الخارجية .فهذه التحولات ? التي عبرت عن الطريق الجديد الذي اعتمدته الثورة لغرض احتواء السلبيات الموروثة والتحديات الخارجية ?هي التي جعلت العراق متماسكا" وقويا" في الداخل وفاعلا" في الخارج ? على خلاف الحالة التي كان عليها قبل العام 1968.

الانجازات

على مدى المدة الماضية من مسيرة الخير والتقدم تحققت في العراق ? انجازات بالغة الاهمية اسست الارضية لمستقبل واعد .ولتعددها وتنوعها سنكتفي بتناول بعضها على سبيل المثال كالاتي:
تثبيت السلطة الوطنية وترسيخها غني عن البيان ان المهمة الاساسية لكل ثورة كبرى ?بعد نجاحها ? تكمن في تثبيت سلطتها وتعزيزها ? والشيء نفسه ينسحب على ثورة العراق .فالمؤتمر القطري الثاني لحزب البعث العربي الاشتراكي اكد من قبل (( ضرورة حماية الثورة في القطر العراقي باعتبارها قاعدة نضالية لحركة الثورة العربية )).

ان نوعية الظروف التي واجهتها الثورة بعد نجاحها هي التي جعلت القيادة تتوجه بالدرجة الاولى الى تثبيت السلطة الوطنية سبيلا" اساسيا" للتفرغ باتجاه انجاز اهدافها وبايجاز ? واجهت الثورة اخطارا" حقيقية . ومثالها ?اولا"? خطر تشويه هويتها والالتفاف عليها وحرفها عن الطريق الذي رسمه الحزب لها جراء تسلل عناصر اليها لم تكن مؤمنة بها، وثانيا" انتشار شبكات التجسس الاجنبية ونشاط الماسونية، وثالثا" التوظيف الخارجي للامراض الاجتماعية الموروثة لاغراض الزعزعة ? ورابعا" محاولات اسقاط الثورة بتشجيع ودعم خارجي.

وحيال هذه الاخطار وغيرها عمدت الثورة ? من اجل تثبيت السلطة الوطنية ? الى تبني الكثير من الاجراءات ومن بينها على سبيل المثال : اولا" ? تعزيز قيادة الحزب لمؤسسات الدولة ولا سيما انها عدت ((... ضرورة مركزية من ضرورات بقاء الثورة وحياتها وتطورها .)) على ان المشكلات التي برزت في السنوات الاول على هذا الصعيد تراجع تاثيرها فيما بعد جراء نمو القاعدة الحزبية وتراكم الخبرة بمرور الزمن.

اما الاجراء الثاني فقوامه خلق جسور الثقة مع الجماهير وتوطيدها . فالثورة ادركت في السنوات الاول انها (( ورثت ازمة ثقة بين الجماهير والثورة، عاشت مرارتها في ضميرها وقلبها وعقلها ? وعقدت العزم على تخطيها بثقة عالية بالنفس والحزب والجماهير.)).

ان هذا الادراك ادى الى سلسلة من الممارسات العملية تجسدت في ترجمة الشعارات الى واقع ملموس وتحقيق الوعود .ومثال ذلك قرار التاميم في العام 1972 الذي كان الحزب يدعو اليه قبل الثورة ? فضلا" عن ترجمة الوعد بمنح العراقيين الاكراد الحكم الذاتي في موعده (11 اذار 1974 ).

ان خلق اواصر الثقة من خلال الحقائق التي عاشتها الجماهير عبر مسيرة (30) عاما" هو الذي جعل الجماهير القاعدة الصلبة والركيزة الاساسية للثورة .

فالقناعة الجماهيرية الكامنة والصريحة ? باخلاص قيادة الثورة وكفاءتها هي التي تفسر تكرار تجارب الالتفاف حول قيادة السيد الرئيس صدام حسين ? سواء في الحرب العراقية –الايرانية ? ام في ام المعارك ? واخيرا" في يوم الزحف الكبير .

اما الاجراء الثالث فقد تجسد في اضفاء صفة الهيئة التشريعية العليا على مجلس قيادة الثورة. ويحدد التقرير السياسي للمؤتمر القطري الثامن للحزب غاية ذلك ?اذ يقول (( ان الحزب اصطدم بمعضلة القوانين والتشريعات السائدة منذ اليوم الاول لتسلمه السلطة .

ووجدت الثورة نفسها عاجزة عن قيادة البلاد مع بقاء تلك القوانين والتشريعات العليا ?واتخذت قراراته قوة القانون وفاعليته وبهذا الاجراء الحاسم استطاعت الثورة ان تحل جانبا" مهما" من هذه المعضلة)).

واخيرا"? تجسد الاجراء الرابع ? في ربط الارادتين الشعبية والرسمية احداهما بالاخرى

عبر تعميق المشاركة السياسية ونشر الديمقراطية وقد تجلى ذلك على سبيل المثال في اقامة الجبهة الوطنية والانتخابات المجلس الوطني وغيره من المجالس المنتخبة على صعيد اضيق .

تعزيز الاستقلال السياسي

تفيد تجربة العديد من الدول الحديثة الاستقلال في العالم الثالث ان الاستقلال السياسي لا يصبح ذا قيمة عملية عندما لا يتاسس على مقومات تؤمن للدولة حرية اتخاذها القرار الداخلي والخارجي على وفق مبادئها ومصالحها فهذه الحرية هي التي تجعل الدولة سيدة ذاتها ..

ان تمتع العراق بالاستقلال السياسي لا يعني انه كان حتى عام 1968 مستقلا" عمليا" .فواقع العراق ? داخليا" وخارجيا"? حال دون ذلك .لذا لم يبدا العراق باكتساب حريته الكاملة الا بعد عام 1968 ? لان الثورة عمدت الى اعادة بناء اركان البيت العراقي على نحو جدي افضى بالمحصلة الى تامين حريته الكاملة .ولم يكن ذلك بمعزل عن تصور استراتيجي لكيفية احتواء السلبيات الموروثة تامينا" للفاعلية الداخلية ومن ثم للفاعلية الخارجية .ويقترن هذا التصور بقيادة الرئيس صدام حسي للعراق ودوره الفاعل في صنع حاضره ومستقبله.

والمجال لا يتسع لتناول الخصائص التي تتميز بها شخصية القائد صدام حسين واثرها في بناء هذا التصور .

ومع ذلك تجدر الاشارة الى ان هذه الخصائص يعترف بها حتى اولئك الذين يختلفون مع العراق .فقد قيل على سبيل المثال : ((... ان صدام حسين قيادة عربية غير عادية ...)) واضافة الى ذلك فان هذه الخصائص ? متفاعلة مع الممارسات العملية التي عبرت عنها ? هي التي جعلت الغرب يدرك انه امام رجل يختلف عن اولئك الذين تعامل معهم في العالم الثالث ? اي امام رجل يقود بوعي واصرار مشروعا" حضاريا" متكاملا" للاستقلال الوطني والقومي والارتقاء الحضاري.

لذا كان ابعاد قائد هذا المشروع الحضاري عن قمة الهرم العراقي سبيلا" لافشال مشروع العراق وما زال هدفاط اميركيا" وغربيا". وعلى وفق التصور الاستراتيجي للقائد صدام حسين لكيفية تامين الاستقلال السياسي للعراق فانه انطوى على بناء تلك الركائزالتي تنبع منها الفاعلية الداخلية ? ومن بينها، على سبيل المثال، الركائز المجتمعية والاقتصادية والعسكرية وسنتناولها بايجاز :

اما عن الركيزة المجتمعية ? فقد اعتمد القائد صدام حسين اجراءات غي تقليدية لتعزيز البناء الداخلي وتجذير مقاومته قوامها تكريس التجانس والتكامل الاجتماعي والاستقرار السياسي .

وقد انطوت هذه الاجراءات على مخرجات انعكست بدورها ايجابا" على الارضية الاجتماعية لحركة العراق .فهذه صارت اكثر صلابة وتماسكا" بالمقارنة بواقعها السابق قبل العام 1968 .فلاقوة التي اكتسبتها حركة العراق جراء ذلك هي التي افشلت المراهنات الاقليمية والدولية على التركيبة الاجتماعية الداخلية سواء في الحرب العراقية-الايرانية ام في صفحة العدوان العسكري والحصار الاقتصادي في ام المعارك الخالدة .ويتاكد هذا الفشل في الولاء للوطن والالتفاف حول قيادة الرئيس صدام حسين .

لذا كانت التركيبة الاجتماعية المعروفة للعراق وما زالت مصدر (( .. قوة لنا وليس سلاحا" ضد الثورة )).

اما عن الركيزة الاقتصادية ? فقد بدأ الواقع الاقتصادي منذ السبعينات ? يسير باتجاه معاكس لما كان قبل العام 1968.

فالثورة ادركت ان الاستقلال السياسي للعراق يبقى شكليا" اذا لم يوفد بتنمية شاملة وحقيقية .

وفي سبيل ذلك اعتمدت سياسة اقتصادية رمت بالمحصلة الى تأمين الغاء الخصائص التي اقترن بها الاقتصاد الواحد . ومن هنا جاء ? على سبيل المثال ? قرار تأميم النفط العراقي في العام 1972 واستثماره وبقية خيرات العراق استثمارا وطنيا . من حيث الاستخراج والتسويق فضلا عن دعم التنمية الصناعية والزراعية والبشرية وتنويع العلاقات الاقتصادية الدولية .

لذلك تطورت تدريجيا في العراق قاعدة اقتصادية – صناعية – علمية . ومما ساعد على ذلك نمو قدرة العراق المالية جراء قرار التأميم والتوظيف الةاعي لهذه القدرة .

وانطلاقا من ان القدرة الاقتصادية المتينة صارت تعد احدى ابرز ركائز الاستقلال السياسي لكل دولة فقد انعكست مخرجات السياسة الاقتصادية للعراق علىحركته المستقلة ? اذ افضت الى دعم تجذرها وتأثيرها . فهذه المخرجات لم تجعل العراق معتمدا على ذاته لتمويل مشاريع تنميته وبناء قوته العسكرية حسب ? وانما ادت ايضا الى ان يكون مانحا للمساعدة الخارجية ? عربيا ودوليا ( ولاسيما لدول العالم الثالث ) . ففي عام 1979 بلغ حجم هذه المساعدات 4% من مجمل التاتج القومي الاجمالي للعراق .

ان الخشية من تصاعد وتائر التنمية في العراق ودوره في تسريع خروجه من دائرة التخلف بانعكاساته الايجابية على اهميته العربية والدولية ? تفسر تلك السياسات الخارجية التي رمت الى تعطيل هذه التنمية وافشالها . فكل من الحربين الايرانية والاميركية ضد العراق اريد بها استنزافه اقتصاديا لالغاء إحدى ابرز دعائم استقلاله السياسي .

على ان القاعدة الاقتصادية – الصناعية – العلمية التي بنيت في العراق ? والخيرات الوفيرة التي يتوافر عليها ? فضلا عن الارادة القيادية ? تجعل العراق قادرا على تحقيق معجزة اقتصادية تضيف الى التجربة اليابانية تجربة فريدة اخرى .

اما عن الركيزة العسكرية ? فغني عن البيان ان للجيش العراقي تاريخا مشرفا على الصعيدين الوطني والقومي . فكما ان ثورات العراق ترد اليه ? فأنه ايضا لم يتوان عن المشاركة في الحروب القومية ضد الكيان الصهيوني .

على ان هذا الدور المشرف لايلغي ان الجيش العراقي كان قبل العام 1968 يعاني اثار الواقع الداخلي والخارجي للعراق انذاك .

ان التغير النوعي الذي عاشه العراق بعد هذا العام انسحب على منواله على قدرته العسكرية فهذه القدرة اخذت بالنمو المطرد على نحو ادى الى ان يتوافر العراق على قوة عسكرية فاعلة ومؤهلة خدمة للاهداف الوطنية والقومية . فالجيش العراقي عد في العام 1980 ثالث اكبر قوة عسكرية عربية من حيث العدد ومن حيث الانفاق العسكري ايضا .

ان هذه النتيجة ادت اليها مقدمات لاتكمن في تصاعد القدرة المالية للعراق واستقراره السياسي حسب ? وانما على وجه الخصوص في الاهتمام المكثف الذي حظي به الجيش العراقي من لدن القائد صدام حسين لتأهيله وتعزيز قدراته .

فانطلاقا من ان (( الجيش هو رمز الاستقلال والسيادة وهو اداتها وسلاحها ? كما انه رمز القوة والكرامة الوطنية )) اعيد بناء الجيش على وفق اسليب متنوعة ومثالها الاتي :

اولا: تعزيز قيادة الحزب اياه ضمانا لاداء دوره النضالي .

ثانيا : بناء الجيش يناء عقائديا وثوريا على وفق مبادىء ثورة 17-30 تموز 1968 واهدافها.

ثالثا : تأمين مصادر متعددة ومتنوعة ? شرقا وغربا ? لتجهيزه بالسلاح ضمانا لاستقلالية الارادة الوطنية ولا سيما ان التجارب اكدت ان الدول المصدرة للسلاح لاتتوانى عن توظيف الحاجة الى سلاحها خدمة لاهدافها .

رابعا : الشروع وطنيا في تصنيع السلاح رفدا لقوة الاقتدار العسكري وضمانا لحرية الحركة ? ودعما للنهوض الصناعي الشامل في العراق .

وللعلاقة الوطيدة بين الامكانيات العسكرية الفاعلة للدولة وقدرتها على تأمين استقلالها السياسي ? عبر الردع او الاستخدام المباشر لهذه الامكانيات عند الضرورة ? فغني عن البيان ان نوعية البناء العسكري الذي تحقق في العراق عد احد الاسباب الرئيسية التي سهلت مشاركته في الدفاع عن الامن القومي العربي .(( اننا لانريد للجيش العراقي فقط الدفاع عن حدود العراق ? وانما نريد ان يكون الجيش العراقي درع الامة العربية وسيفها المشهور ضد الاعداء .

هذا اضافة الى تاأمين صموده في اطول حرب دولية عرفها القرن العشرين ? ان الحرب العراقية – الايرانية جعلت اعظم قوة عسكرية في هذا القرن ? اي الولايات المتحدة الاميركية ? تتجنب بديل المواجهة العسكرية المباشرة مع القوات العراقية .

وفي ضوء تأثير المقومات المجتمعية والاقتصادية والعسكرية الايجابي تعززت الارادة المستقلة للعراق ? واضحى الاصرار عليها ? حتى في الاوقات الاشد صعوبة ? انموذجا لدولة صغرى تريد ان تكون حرة وسيدة حاضرها ومستقبلها .

تعزيز الوحدة الوطنية

نادرا ما تكون الدولة المعاصرة من تركيبة قومية واحدة فمعظمها يحتضن اقلية ( او اقليات ) قومية الى جانب الاغلبية القومية .

وتفيد الخبرة التاريخية ان طبيعة العلاقة المتبادلة بين عناصر التركيبة القومية للدولة ? سواء من حيث تجانسها ام تنافرها ? تنطوي على تأثير في حركة الدولة . فعلى خلاف حالة التنافر يفضي التجانس القومي الى توطيد الاستقرار السياسي للدولة . ومن ثم انطلاقها صوب تحقيق اهدافها . وقد لايختلف العراق عن سواه من الدول المتعددة القوميات اذ احتضن منذ القدم قوميات متعددة عاشت معا في حالة اخاء وتجانس عززتها قواسم مشتركة ? معنوية ومادية ? دائمة كالدين والمصالح المشتركة .

ان هذه الحالة وقفت على الضد من مصالح القوى المناهضة للعراق ? اقليميا ودوليا . لذا فانها عمدت ? منذ مدة سبقت العام 1968 ? الى زعزعتها سبيلا لديمومة استنزاف العراق واضعافه ومن ثم اخضاعه .

وتبعا لذلك ورثت الثورة ? ضمن مخلفات الماضي ? ما سمي بالمشكلة ( او القضية ) الكردية.

ولاهميتها التي افرزتها على مدى مدة طويلة ? الملابسات التأريخية التي رافقتها ? والاتجاهات التي اقترنت بها والاستخدامات الخارجية لها ? فقد اولت قيادة الثورة حلها ? سليما وديمقراطيا ? اولوية خاصة انطلاقا من ايمانها بالحقوق القومية للاكراد وغيرهم من القوميات الاخرى ? ضمن اطار الوحدة القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية لدولة العراق .

ان هذه الاولوية تجسدت في تشريع واصدار قيادة الثورة بيان الحادي عشر من اذار 1970 ? واصراها على تنفيذ الحكم الذاتي في الحادي عشر من اذار 1974 في موعده المحدد الذي حقق للمواطن العراقي الكردي حقين : حقة كعراقي وحقا زائدا ? اي حق الحكم الذاتي .

وتجدر الاشارة الى ان صدور قانون الحكم الذاتي ذي الرقم 23 في العام 1974 سبقه تعديل الدستور باضافة فقرة تحت تسلسل (?) الى المادة الثالثة التي تنص : (( تتمتع المنطقة التي غالبية سكانها من الاكراد بالحكم لذاتي وفقا لما يحدده القانون )) .

وينطوي قانون الحكم الذاتي على ( 21 ) مادة موزعة على ثلاثة ابواب تناولت تباعا اسس الحكم الذاتي ? وهيئاته ? والعلاقة بين السلطة المركزية وادارة الحكم الذاتي .

وبموجب هذا القانون تعد منطقة الحكم الذاتي جزءا لا يتجزأ من ارض العراق ? وشعبها جزءا من شعب العراق وتتمتع بوحدة ادراية لها شخصية معنوية ووحدة مالية مستقلة ضمن وحدة مالية الدولة ? وذات ميزانية خاصة ضمن ميزانية الدزلة . كما ان هيئات الحكم الذاتي جزء من هيئات جمهورية العراق . وقد عدت اللغة الكردية لغة رسمية الى جانب اللغة العربية ? كما اقر القانون قيام مجلس تشريعي منتخب .

على انحل القضية ? على وفق الحكم الذاتي ? الذي يعد تجسيدا لايمان ثورة العراق بحقوق مواطنيه جميعا اثار القلق والخشية ? اقليما ودوليا ? من ابعاده المتعددة ? ولاسيما تعطيل التوظيف الخارجي لهذه القضية سبيلا لاشغال العراق عن اهدافه الوطنية والقومية .

لذا استمرت على توظيف بعض القوى الكردية بما يخدم مصالحها الذاتية حسب ? وبضمنه تعطيل الحوار البناء بين الحكومة المركزية والقيادات الكردية ? وآخرها حوار عام 1991 . ويؤكد مكرم الطالباني ان الولايات المتحدة والدول المجاورة مارست الضغط على الجانب الكردي لافشال الحوار ولا سيما انها ضد تجربة الحكم الذاتي .

وتجدر الاشارة الى ان تجربة التعامل المبدئي والانساني مع المواطنين الاكراد ? على وفق ما ذكرناه سابقا سبقتها تجربة مماثلة في التعامل مع المواطنين العراقيين التركمان والناطقين باللغة السريانية انتهت الى قرار مجلس قيادة الثورة في العام1970 بمنح التركمان حقوقهم الثقافية ? وقراره ايضا في العام 1973 بالنسبة الى الناطقين بالسريانية من الاثوريين والكلدان والسريان ? فضلا عن ضمانة الدستور للاقليات بممارسة حقوقها الثقافية .

ان تجربة تعامل العراق مع القوميات غير العربية داخل حدوده ? التي ينفرد بها عن سواه من الدول المجاورة ? تؤكد اصالة تأثير التراث ? وانسانية الثورة وايمانها بالديمقراطية والوحدة الوطنية ? فضلا عن ثقتها بذاتها وصواب منهجها .

المؤسسات الدستورية

يقصد بها تلك الابنية الرسمية المستقرة التي ينبط بها دستور الدولة انجاز وظائف متخصصة محددة خدمة للوظيفة النهائية للدولة واضفاء الشرعية عليها . ويعد وجود المؤسسات ? او انتقاؤها ? معيارا يستخدم في احيان ? للتمييز بين المجتمعات المستقرة وغير المستقرة .

وانطلاقا من (( ان ثورة السابع عشر من تموز 1968 هي ? في جوهرها وغايتها ? ثورة تحررية ديمقراطية اشتراكية وحدودية )) ? فأنها حرصت على تحويل العراق الى دولة تتوافر على مؤسسات ديمقراطية فاعلة ومستقرة .

وعلى مدى مسيرة الخير والتقدم في العراق صدرت وثائق دستورية مهمة عديدة لهذا الغرض ? ومن بينها الدستور ? ولأهميتها تقتضي الضرورة تناوله ? قبل التطرق الى بعض هذه المؤسسات ? ولاسيما مجلس قيادة الثورة والمجلس والوطني .

الدستور

منذ عام 1968 صدر في العراق دستوران :

الاول دستور 21 ايلول 1968 ? والثاني دستور 16 تموز 1970 الذي حل محل الاول . وتعزى اسباب ذلك الى ان دستور عام 1968 لم يستطع ? على الرغم من التعديلات التي طرأت عليه ? ان يرتقي الى مستوى الانجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وسواها التي حصلت في العراق في الفترة اللاحقة على صدوره .

يتكون دستورها عام 1970 من (70) مادة توزعت على خمسة ابواب . ففي حين تناول الباب الاول هوية جمهورية العراق ? وحدها في الثاني اسسها الاجتماعية والاقتصادية ?ذهب في الباب الثالث الى تثبيت الحقوق والواجبات الاساسية ? وفي الرابع الى تشكيل المؤسسات الدستورية ? وبضمنها مؤسسة القضاء والادعاء العام . اما الباب الخامس فقد انطوى على احكام عامة .

وقد خضع دستور عام 1970 لتعديلات عديدة ? منذ تاريخ صدوره ? وينطوي على خصائص مميزة لايسع المجال الا تناول بعضها على سبيل المثال . ومن بينها الاتي :

1- ثبت الدستور هوية النظام السياسي في العراق وغايته النهائية . فالمادة الاولى منه تنص على ان (( العراق جمهورية ديمقراطية شعبية ذات سيادة هدفه الاساس تحقيق الدولة العربية الواحدة واقامة النظام الاشتراكي )) .

2- اقر ايمانه بالشعب . فالمادة الثانية تنص على ان (( الشعب مصدر السلطة وشرعيتها )) .

3- ربط بين الاسلام والعروبة في كل لايتجزا . ففي حين اكد في المادة الخامسة منه (( ان الاسلام هو دين الدولة الرسمي )) . نصت المادة الخامسة على (( ان العراق جزء من الامةالعربية )) . وان اللغة العربية هي اللغة الرسمية والى جانبها اللغة العربية هي اللغة الرسمية والى جانبها اللغة الكردية في منطقة الحكم الذاتي ( المادة السابعة ) .

4- اقر ان الشعب العراقي يتوزع على قوميتين اساسيتين ?5- هما العربية والكردية ?6- وأن للمواطنين الاكراد حقوقهم القومية والحقوق المشروعة ايضا للاقليات كافة ( المادة الخامسة ) .

7- اكد مبدا المساواة المطلقة بين المواطنين بلا (( تفريق بسبب الجنس ?8- او العراق ?9- او اللغة ?10- او المنشأ الاجتماعي ?11- او الدين )) مع ضمان الفرص لجميع المواطنين في حدود القانون . جاء ذلك في الفقرتين الاولى والثانية تباعا من المادة التاسعة .

12- جعل السلطة العليا في العراق من اختصاص مجلس قيادة الثورة يباشرها بما يتفق وحماية الثورة والوصول الى اهدافها ?13- كما ورد في المادة 37 .

14- اكد ايمانه بحقوق الانسان العراقي ?15- السياسية والاقتصادية والاجتماعية على وفق اغراض الدستور وفي حدود القانون ( المادة 26) وكفل حقل اللجوء السياسي (( .. لجميع المناضلين المضطهدين في بلادهم بسبب دفاعهم عن المبادىء التحررية الانسانية التي التزم بها الشعب العراقي في هذا الدستور )) . كما منع تسليم اللاجئين السياسين ( المادة 34 الفقرتان الاولى والثانية ) .

16- اكد ان (( القضاء مستقل لاسلطان عليه لغير القانون )) فضلا عن ان (( حق التقاضي مكفول لجميع المواطنين )) .

مجلس قيادة الثورة

على وفق المادة 37 ? الفقرة ? من الدستور ? يعد مجلس قيادة الثورة الهيئة العليا في الدولة الذي اخذ على عاتقه في السابع عشر من تموز 1968 مسؤولية تحقيق الارادة الشعبية العامة بانتزاع السلطة من النظام الرجعي الفردي الفاسد واعادتها الى الشعب )) .

وتبعا لمكانته الدستورية الخاصة فانه يمارس سلطات تشريعية واسعة محددة في متن الدستور ? يشرع القوانين ? ويصدر فضلا عن ذلك (( القرارات التي لها قوة القانون )) .

ويتكون مجلس قيادة الثورة عددهم ? على وفق تعديل عام 1982 للدستور ? تسعة اعضاء : ثمانية منهم اعضاء في قيادة قطر العراق للحزب . اما العضو التاسع فهو نائب رئيس الجمهورية ? علما ان عضوية المجلس محددة بالاسماء في متن الدستور .

وللعلاقة بين العضوية في قيادة قطر العراق وعضوية مجلس قيادة الثورة ? ولأن العضوية في الاولى تقوم على اساس الانتخاب ? اكدت سوابق ان فقدان (( .. عضوية القيادة الحزبية (قيادة قطر العراق ) يؤدي الى( فقدان ) عضوية مجلس قيادة الثورة )) .

وينتخب رئيس مجلس قيادة الثورة من بين اعضائه باغلبية الثلثين ويتمتع بصلاحيات محددة مثبتة في متن الدستور ? وينتخب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة ايضا من بين اعضائه بالاغلبية نفسها ? ويحل على وفق الدستور ? محل رئيس مجلس قيادة الثورة حكما في حالة غيابه او تعذر او استحالة ممارسته اختصاصاته الدستورية لاي سبب مشروع .

ومنحت المادة (40) من الدستور رئيس مجلس قيادة الثورة ونائبه والاعضاء حصانة تامة ? ومن ثم لايجوز دستوريا اتخاذ اي اجراء بحق اي منهم الا باذن سابق من المجلس وذهبت المادة ( 41) الى كيفية عمل مجلس قيادة الثورة ? اذ تضمنت ما يفيد ان اجتماعاته تتم بدعوة من رئيس المجلس او نائبه . كما ان اجتماعاته تنعقد برئاسة احدهما وبحضور اكثرية الاعضاء ? فضلا عن انها تكون سرية اما قراراته فتنشر بالطرق المبينة في الدستور .

وتجر الاشارة الى ان العلاقة بين عضوية قيادة قطر العراق للحزب ومجلس قيادة الثورة انما تعبر عن مبدا القيادة الجماعية الذي يتبناه حزب البعث العربي الاشتراكي . يضاف الى ذلك ان العلاقة بين اعضاء مجلس قيادة الثورة هي علاقة نضالية ورفاقية صميمية .

ان الايمان بالعمل الجماعي يتجسد في انماط سلوك القائد صدام حسين . يقول فؤاد مطر ان القائد ( في مناقشاته مع رفاقه يميل الى سماع كل الاراء قبل ان يقول رأيا ما الذي يرفقه دائما بالتحليل والشواهد )) . ويضيف طه ياسين رمضان قائلا (( ان تعامل سيادته مع الرأي المطابق )) ومرد ذلك ان القائد صدام حسين يرى ان التطابق في الراي هو ليس الحالة الصحيحة دائما . اذ يقول ((.. ولا يجب ان يتصور اي واحد منا ... ان تريحه عملية التطابق المستمر في الراي معه )) .

المجلس الوطني

يؤمن حزب البعث العربي الاشتراكي بالديمقراطية . وتجسيدا لها عبرت الثورة ? بعد مدة قصيرة من اندلاعها ? عن عزمها على ان يكون للعراق مؤسسة سياسية منتخبة شعبيا ? ولا سيما انه افتقر الى مثيلتها منذ عام 1958 . لذا جاء دستور عام 1970 ? وفي اثر ذلك صدر قانون المجلس الوطني ذو الرقم 228 في 17/12/1970 .

الا ان العمل بهذا القانون لم يتم آنذاك . ومر ذلك ان قيادة الثورة كانت تريد ان يتأسس هذا المجلس على اسس اصيلة ومبتكرة وليس على اسس تقليدية او مصطنعة .

وترجمة لوعد كان القائد صدام حسين قد قال به في شباط 1979 طرح فيما بعد مشروع جديد لقانون المجلس الوطني على الشعب ومنظماته لمناقشته . وكانت محصلة ذلك الغاء القانون السابق وصدور قانون جديد بالرقم 55 في 15/3/1980 من اجل ان (( يؤمن الاسهام في الوظيفة التشريعية الى جانب مجلس قيادة الثورة وليمارس الرقابة على مؤسسات الدولة ويكون خطوة في البناء الديمقراطي )) كما جاء في الاسباب الموجبة لصدور هذا القانون الذي خضع فيما بعد لتعديلات عديدة رمت مضامينها الى ترتيب الاجواء الممكنة لجعل المجلس الوطني تجربة ناجحة .

وعلى وفق هذا القانون وتعديلاته يتكون المجلس الوطني من اعضاء لايقل عددهم عن (250) عضوا يمثلون مختلف الشرائح السياسية والاقتصادية والاجتماعية . ويختارون عن طريق الانتخاب المباشر بالاقتراع السري ( المادة الاولى ) .

وتكون مدة المجلس الوطني (4) سنوات . ويعقد في كل سنة دورتين : الاولى ربيعية . والثانية خريفية . ولرئيس الجمهورية ان يدعو المجلس الى عقد جلسات استثنائية عند الضرورة . وجلساته تكون علنية في المعتاد ويجوز ان تكون سرية .

وقد انتخب اول مجلس وطني في العراق في العام 2980 وفي وقت كان العراق يعيش مقدمات حرب عملت ايران على تأجيجها ومنذ العام 1980 حتى الآن اجريت (4) انتخابات للمجلس الوطني .

وتبعا لمضامين المواد ( 53-54) من الدستور ? والباب الثالث من قانون المجلس الوطني لعام 1980 ? فأن المجلس الوطني يتولى وظائف مهمة : اولاها وظائف تشريعية قوامها تشريع مقترحات القوانين المرفوعة اليه من مجلس قيادة الثورة ? او من قبل رئيس الجمهورية ? اضافة الى النظر في مشاريع القوانين التي يقدمها ربع عدد اعضائه في غير الامور العسكرية والامنية وثانيهما وظائف سياسية مفادها الرقابة على مؤسسات الدولة ودعوة اي من الوزراء للاستيضاح او الاستفسار او الاستجواب ? فضلا عن اقرار الميزانية العامة او الاستجواب ? فضلا عن اقرار الميزانية العامة وخطط التنمية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية .

 الرجوع الى الصفحة الرئيسية